مقالات

مختصر تاريخ العراق الحديث …. كما رأيته… الكاتب أدهم إبراهيم – الجزء-4

#الشبكة_مباشر_لاهاي

  مؤتمر أنصار السلام وثورة الشواف في الموصل

بدعمٍ من الزعيم عبد الكريم قاسم عقد الحزب الشيوعي العراقي موتمر أنصار السلام في الموصل يوم 5 آذار/ مارس 1959، فحاول التيار القومي ( البعثيون والناصريون وهم مؤيدي الرئيس المصري جمال عبد الناصر ) منع قيام هذا المؤتمر لكونه يستفز مشاعر القوميين العرب ، إلا أن الشيوعيين أصروا على انعقاده.

نتيجة لذلك تحرك العقيد عبد الوهاب الشواف ضد نظام عبد الكريم قاسم وأعلن التمرد أو الانقلاب ضده من مدينة الموصل ،ولما كان الشيوعيون قد حشدوا أنصارهم مسبقًا، ولديهم مؤيدون من القوة الجوية، فقد قاموا بقصف المتمردين وإذاعتهم، ولما لم يتحرك بقية القادة القوميين مع عبد الوهاب الشواف؛ استطاع الشيوعيون والقاسميون ( المؤيدون لعبد الكريم قاسم ) قمع التمرد، رغم أن القائمين عليها قد أذاعوا بيانات من مدينة الموصل تدعو إلى إسقاط نظام عبد الكريم قاسم، وبالنظر لعدم وجود تنسيقٍ كافٍ مع أنصارهم من الضباط في بغداد؛ تعذر احتلال محطة الإذاعة المركزية، فتم الإعلان عن مقتل قائد الانقلاب، وإحالة الضباط المتعاونين معه إلى المحاكم، فحكم عليهم بالإعدام ونفذ الحكم فيهم، وهم: العميد ناظم الطبقجلي، والعقيد رفعت الحاج سري، والرائد نافع دادود، وغيرهم.

بعد القضاء على التمرد وفشل انقلاب الشواف، قامت المقاومة الشعبية التابعة للحزب الشيوعي والقادمة من بغداد بعمليات تصفية جسدية للبعثيين والقوميين في الموصل وكركوك، ثم بدأت عمليات السحل وتعليق الجثث على أعمدة الكهرباء، وقد ذكرت صحيفة (اتحاد الشعب) الناطقة بلسان الحزب الشيوعي في عددها الصادر بتاريخ 31/ 3/ 1959: «علقت وسحبت جثث المجرمين القتلة في مدن الموصل وقراها وانجلت المعركة، فإذا بالعشرات من المجرمين الشرسين العتاةمدنيين وعسكريين صرعى في دورهم أو على قارعة الطريق في الموصل وتلعفر وعقرة وزاخو وفي كل زاوية»، وفي عددٍ آخر صدر بتاريخ 16/ 3/ 1959:ءمرت الصحيفة ( لنا من الأعمال البطولية في الموصل خبرة وافرة في سحق الخونة، إنَّ مؤامرة الموصل وسحقها وسحل جثث الخونة في الشوارع ستكون درسًا قاسيًا للمتآمرين، وضربة بوجه دعاة القومية) ، وكذلك حدث نفس الشيء في كركوك بعد أن توجه لها الشيوعيون لينفذوا الجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان فيها، كما جرى في مدينة الموصل.

في وقتٍ لاحق اعترف عضو اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي عدنان جليميران أثناء محاكمته عام 1963 قائلًا: «أبرز الجرائم التي نتحمل نحن الشيوعيون مسؤوليتها الكاملة مجزرة الموصل ومذبحة كركوك، ففي الموصل كانت لدى الحزب أوامر قاطعة باتة من القيادة بإبادة القوميين حالما يتحركون، وبعد ثورة الشواف اندفعنا لتصفية القوميين وأقمنا المحاكم البروليتارية التي شكلت بالجملة، حيث كان كل شيوعي على رأس محكمة تحاكم وتقتل وتعلق جثثهم.»
أما عبد الكريم قاسم فقد حاول التنصل من مسؤولية الجرائم الإنسانية من القتل والسحل، واتهم الشيوعيين بتماديهم في الفوضى ،حيث ذكر في خطابه الذي ألقاه في كنيسة مار يوسف بتاريخ التاسع والعشرون من تموز/ يوليو 1959 قائلًا: «إن ما حدث أخيرًا في كركوك فإني أشجبه تمامًا، وباستطاعتنا أيها الإخوة أن نسحق كل من يتصدى لأبناء الشعب بأعمالٍ فوضوية نتيجة للحزازات، والأحقاد، والتعصب الأعمى. إنني سأحاسب حسابًا عسيرًا أولئك الذين اعتدوا على حرية الشعب في كركوك»، ثم أضاف: «أولئك الذين يدعون بالحرية ،ويدعون بالديمقراطية، اعتدوا على أبناء الشعب اعتداءً وحشيًّا.»وبعد إكمال خطابه خرج القوميون بمظاهرات تأييد للزعيم عبد الكريم قاسم وهم يهتفون: «شبابنا القومي فدوة لابن قاسم»، وهم فرحون بانقلاب الزعيم على الشيوعيين، لكن هذا التأييد لم يدم طويلًا.

  محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم

بعد أحداث الموصل وكركوك استشعر حزب البعث خطر التصفية الجسدية لأعضائِه ومؤيديه، فقررت القيادة القطرية لحزب البعث في العراق في 1/ 10/ 1959 إعداد خطة لاغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء.. وتم تسمية المنفذين وتدريبهم في مزرعة سليم عيسى الزيبق في الرضوانية، وقد تألفت مجموعة الاغتيال من:
إياد سعيد ثابت.
عبد الوهاب الغريري.
عبد الكريم الشيخلي.
سمير عبد العزيز النجم.
حاتم حمدان العزاوي.
سليم عيسى الزيبق.
صدام حسين.
أحمد طه العزوز.

تقرر انطلاق المجموعة من عيادة الدكتور حازم البكري في شارع الرشيد (رأس القرية) في مساء يوم 7 تشرين الأول/اكتوبر 1959، وبالفعل جرى تنفيذ العملية واُطلقت النيران على سيارة عبد الكريم قاسم وسائقه ومرافقه الذين أصيبوا بطلقات نارية غير مميتة، وبالمقابل أصيب كل من صدام حسين وسمير النجم، وقتل عبد الوهاب الغريري، ثم هربت المجموعة المنفذة إلى منطقة الصليخ في الأعظمية.

وهكذا فشلت عملية الاغتيال على الرغم من أن بعض العسكريين حاولوا السيطرة على الحكم، إلا أن عبد الكريم قاسم قد نجى من عملية الاغتيال، وجرت عمليات اعتقالٍ واسعة للبعثيين، كما هرب صدام حسين إلى مسقط رأسه في تكريت، ومن هناك تم تهريبه إلى سوريا ،وبقيت سيارة الزعيم معروضة في ساحة وزارة الدفاع حتى إسقاطه في شباط 1963.

  علاقة عبد الكريم قاسم بالكرد

بعد عدة أشهرٍ على انقلاب أو ثورة 14 تموز 1958 طلب الزعيم عبد الكريم قاسم من الملا مصطفى البارزاني المقيم في الاتحاد السوفياتي العودة إلى العراق، وتم تخصيص دار سكن له، مع راتب شهري قدره 500 دينار.
إلا أن الخلافات قد دبت بين الملا مصطفى البارزاني والزعيم عبد الكريم قاسم لاختلاف توجهاتهما، مما دفع بالملا مصطفى البارزاني إلى ترك بغداد والعودة إلى المنطقة الشمالية عام 1961، وأعلن هناك التمرد والعصيان على حكومة الزعيم قاسم!
وهكذا تجدد الصراع مرة أخرى، حيث قام عبد الكريم قاسم بحملة عسكرية ضد الكُرد سنة 1961، لم تتوقف إلا بعد تولي عبد السلام عارف الحكم، فتم الاتفاق مع البارزاني على حلٍ شامل للقضية الكردية في نيسان/ أبريل عام 1964.

الحركة الكردية

لا يقتصر وجود الأكراد في العراق فقط وإنما يتواجدون في كل من تركيا، إيران، وسوريا .
الا ان الصراع الكردي في العراق اصبح مزمنا ، ويعد من أهم المشكلات التي تواجهه طيلة عقود طويلة .
فمنذ الحكم الملكي في العراق حصلت مواجهات بين الحركات الكردية والحكومة المركزية من اجل الحصول على اعتراف الحكومة بحقوق الشعب الكردي
الا انها جوبهت بعمليات عسكرية لقمع هذه الحركات على اختلافها .

وبعد سقوط الملكية في العراق وإقامة الجمهورية عام 1958 سمح للاكراد بمزيد من حرية العمل والاعتراف بالحقوق القومية للشعب الكردي ، وسمح للمهاجرين منهم بالعودة إلى العراق ومنهم الزعيم الكردي الملا مصطفى البرزاني ، ثم مالبثت الخلافات ان تدب بين نظام حكم عبد الكريم قاسم والكرد برئاسة الملا مصطفى البرزاني ، كما اسلفنا .

وفي عام ١٩٦١ انتفض الكرد مرة أخرى على النظام الجمهوري ، واستمرت بصورة متقطعة ، حتى بعد سقوط عبد الكريم قاسم ومجئ حزب البعث الى السلطة .

وفي 11 آذار/مارت 1970

تم الاتفاق بين حكومة البعث والزعيم الكردي ملا مصطفى البرزاني على منح الاكراد لاول مرة الحكم الذاتي ، وقد نال الاتفاق رضا الاكراد . . فاستقرت الاوضاع في كردستان العراق لسنوات قليلة حتى عاد النزاع المسلح وبشدة عام 1974 .
الا انه أُخمد باتفاقية الجزائر بين الرئيس صدام حسين وشاه ايران عام ١٩٧٥ .

بعد غزو الكويت من قبل النظام العراقي عام 1990 ، تم فرض حظر الطيران على منطقة الحكم الذاتي في السليمانية واربيل ودهوك ، من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وذلك في شهرشباط/ فبراير عام 1991م .

ونتيجة لذلك قام الكرد باجراء انتخابات محلية وتشكيل برلمان واقامة اقليم كردستان العراق . فاصبح كيانا شبه مستقل عن الحكومة المركزية في بغداد .

ومع ذلك فان العلاقة بين الكرد والحكومة المركزية في بغداد بقيت شائكة وحساسة ومشوبة بالتوتر على الدوام .

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى