مقالات

وفاة ‏عالم الفلك الكويتي الدكتور صالح العجيري عن عمر ناهز 102 عام اليوم الخميس 10 فبراير 2022

#الشبكة_مباشر_الكويت_ تقرير مدير مكتب الشبكة مباشر محمد العثمان

شيعت الكويت اليوم الفلكي الكويتي المعروف الدكتور صالح العجيري الذي توفي،اليوم الخميس10 فبراير 2022 ، ‏عالم الفلك الكويتي الدكتور صالح العجيري، عن عمر ناهز 102 عام.

وكان الراحل من أبرز وأبرع ‏‏علماء الفلك في الكويت و لعالم العربي.

ولد الدكتور صالح العجيري في 23 يونيو 1920، وقدم الكثير لعلم الفلك، حيث يمتلك الكثير من الإضافات العلمية في الفلك وعلومه من خلال أبحاثه العلمية والعديد من الكتب والمؤلفات والندوات

والمحاضرات والبرامج التي قدمها في المراكز العلمية المتخصصة والأندية والمشاركات بفعاليات مختلفة في المؤتمرات العلمية المحلية والدولية.

و للدكتور صالح العجيري الكثير من المؤلفات التي تتناول موضوعات الفلك ومن إنجازاته «تقويم العجيري» المُسمى على اسمه، والذي يتميز بدقة حساباته، وقد اعتمدت دولة الكويت هذا التقويم

رسمياً في جميع معاملاتها الرسمية.

وكرمته الدولة على ما قدمه من إنجازات، كما قامت جامعة الكويت بمنحه الدكتوراه الفخرية في العلوم عام 1981 وقلادة مجلس التعاون للعلوم عام 1988

صالح محمد صالح عبد العزيز العجيري (23 يونيو 1920 – 10 فبراير 2022)، عالم فلك ورياضيات كويتي. قدم الكثير لعلم الفلك بتقديمه هذا العلم للعرب والمسلمين المتخصصين منهم والباحثين أو الهواة وله الكثير من الإضافات العلمية في الفلك وعلومه من خلال أبحاثه العلمية والعديد من الكتب والمؤلفات والندوات والمحاضرات والبرامج التي قدمها في المراكز العلمية المتخصصة والأندية والمشاركات بفعاليات مختلفة في المؤتمرات العلمية المحلية والدولية. وله الكثير من المؤلفات التي تتناول موضوعات الفلك ومن إنجازاته تقويم العجيري المُسمى على اسمه.

تلقى تعليمه الابتدائي في الكتاتيب فتعلم اللغة العربية والفقه والحساب ومبادئ اللغة الإنجليزية وطرق مسك الدفاتر المتعلقة بعلم الحساب التجاري ثم انتقل إلى مدرسة لتربية الأطفال أنشأها والده في الفترة من 1922 حتى عام 1928 تفتح ذهنه وسبق زمانه بالعلم والمعرفة فنافس مدرسيه بالعلوم الحسابية، فالتحق بالمدرسة المباركية في العام 1937 واستمر فيها حتى أتم بنجاح دراسة الصف الثاني الثانوي.

والده هو أول من شجعه على دراسة علم الفلك بعد أن اكتشف فيه خوفه من ظواهره فأرسله إلى قبيلة الرشايدة في بر رحية جنوب غرب الجهراء لتعلم الرماية والفروسية فكان في أوقات الراحة يتأمل في السماء الزرقاء ليرى الشمس والقمر مما أدى إلى زيادة حبه للعلم بدل الخوف، ثم انتسب إلى مدرسة عبد الرحمن بن حجي مؤسس علم الفلك في الكويت ودرس على يديه وتعلم من عدد من المراجع التاريخية، وأيضًا بتشجيع من والده وإرشاده إلى الشيخ أحمد خليفة النبهاني للتعلم منه علم الربع المجيب وقراءة العديد من الكتب الفلكية، حيث يُعتبر ما تلقاه العجيري حول علم الربع المجيب هو انطلاقته الأولى القوية في الفلك وقد درسه في عام 1935 على يد عبد الرحمن قاسم الحجي الأخ الأكبر لـ يوسف الحجي وزير الأوقاف السابق الذي تلقى هو بدوره علم الربع المجيب على يد بيت آل نبهان بالحجاز وعند عودته للكويت أحضر معه كثيرًا من الكتب والمعلومات التي قام بتدريسها للعجيري.

منذ عام 1946 وحتى يومنا هذا واجه العجيري الكثير من الصعاب والمعوقات للحصول على المزيد من العلم بسبب حبه وشغفه بالفلك، فبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ورغم أنه لم تكن هناك وسائل للمواصلات سهلة ومتوفرة إلا أنه سافر إلى عدد كبير من الدول العربية والأجنبية وكانت أول دولة قصدها هي مصر وكان ذلك في عام 1945 فتوجه إلى جامعة الملك فؤاد الأول ودرس في مدرسة الآداب والعلوم – كلية الآداب وكلية العلوم حاليًا – في القاهرة وخضع لاختبار إتمام الدراسة فيها في قسم الفلك ونجح بتفوق في 10 فبراير 1946 بعد أن أتم دراسته فيها توجه إلى المنصورة في شمال مصر واستكمل دراسته الفلكية فيها حتى حصل على شهادة علمية تفيد بتخصصه في علم الفلك من الاتحاد الفلكي المصري في الأول من أكتوبر عام 1952.

استمر في القاهرة في طلب علم الفلك من خلال البحث والاطلاع والرصد والاستكشاف ومراسلة المراصد العلمية والمؤسسات العلمية الفلكية المتخصصة وزار الكثير من دول العالم منها المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وسوريا ولبنان والأردن وفلسطين والسعودية والسودان وتونس والجزائر وسويسرا وألمانيا وفرنسا وتركيا والعراق وإيران كما شارك في كثير من المؤتمرات الفلكية العربية والدولية.

وفي أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن العشرين بنى مرصدًا فلكيًا في الكويت وعلى نفقته الخاصة واشترى قسيمة في الزاوية الغربية الجنوبية من منطقة الأندلس وتوجه في عام 1973 إلى الولايات المتحدة الأمريكية لشراء القبة الخاصة بالمركز والتي كان طولها ثلاثة أمتار وفي عام 1977 تم اقتراح تسمية المرصد باسمه فسُمي مرصد العجيري، وشُكلت لجنة خاصة لإنشاء المرصد في 3 مارس عام 1981 تضمه هو وممثلين لمؤسسة الكويت للتقدم العلمي والنادي العلمي، وفي عام 1980 قام أمير الكويت جابر الأحمد الجابر الصباح بتكريم، وبعد هذا التكريم بدأ العمل في إنشاء مركز علوم الفلك والأرصاد الجوية بالنادي العلمي في مقرة الجديد في جنوب السره وترك العجيري العمل في بناء المرصد الذي في الأندلس وفي 15 أبريل عام 1986 افتتح الأمير جابر الأحمد الجابر الصباح المرصد بنفسه.

تلقى التعليم في بداية حياته بالكتاب فتعلم اللغة العربية والفقه والحساب ومبادئ اللغة الإنجليزية وطرق إمساك الدفاتر المتعلقة بعلم الحسابات التجارية وفي عام 1937 وبعد افتتاح المدرسة المباركية التحق بها العجيري ليكمل تعليمه العام وفيها تلقى دروسه تبعًا للمنهج الفلسطيني الذي كان يُدرس فيها، واستمر في دراسته بالمدرسة إلى أن أتم بنجاح دراسة منهج الصف الثاني الثانوي فقط لعدم وجود العدد الكافي من الطلاب الذي يصلح لافتتاح فصل جديد للصف الثالث الثانوي فيها في ذلك الوقت، حيث قام والده بإدخاله مدرسة المباركية بناءً على طلب بعض من أعضاء المجلس التشريعي بعد أن ذاع صيت العجيري حول تفوقه في علوم الفلك لكي تكون البعثة إلى إنجلترا بعثة حكومية لكي يدرس علوم البحار لكن ماتت فكرة السفر لإنجلترا حيث أن أجل المجلس التشريعي لم يدم وقد جاء هذا وفق ميول العجيري لأنه شعر بأن ذلك سيعرقل دراسته لعلم الفلك على يد آل نبهان وكذلك دراسته في المدرسة الثانوية. وفي الدراسة تميز العجيري في علم الحساب حيث كان يحل المسائل الحسابية قبل كل طلاب الصف فمما يروى أنه لما دخل العجيري التعليم النظامي في المدرسة المباركية في سنة 1937 روى المدرسون أنه كان يحل المسائل الحسابية بسرعة فائقة أما مدرس اللغة العربية فيروي أن العجيري اعترض عليه عندما كان يدرسه الأسماء الخمسة وأصر على أنها ستة وهي: أبوك وأخوك وحموك وفوك وذو مال وزاد عليها وهنوك والتي تعلمها ودرسها في دروسه الخصوصية في صغره وعندما وصلوا في المنهج إلى كان وأخواتها وإن وأخواتها أصر العجيري على أن هناك أيضًا ظن وأخواتها وهي تنصب المبتدأ وتنصب الخبر، فطلب منه المدرس أن يأتي بمثل فأجاب خلت الهلال لائحًا فضحك المدرس وقال: هذه في علوم النحو القديمة ومع ذلك أدخلت علينا الفلك في علم النحو وأتيت بكلمة الهلال في المثال، كما تأثر كثيرًا بالأستاذ فيصل الطاهر لأن معلوماته في الكيمياء والطبيعة تتواءم مع ميوله الفلكية، كما يذكر أن أمير الكويت جابر الأحمد الصباح كان زميلًا للعجيري في المدرسة المباركية وشارك معه في مسرحية إسلام عمر.


صالح العجيري عام 1949
التعليم العالي
لم يَدع العجيري حبه لعلم الفلك ساكنًا في مكانه بل بذل لتلقي هذا العلم ولو في آخر الدنيا، وفي فترة الحرب العالمية الثانية كانت خطوط المواصلات مقطوعة بين الدول ولم تكن هناك طرق ولا وسائل للمواصلات المتطورة كما في وقتنا الحاضر ورغم ذلك دفعه حبه وشغفه لعلم الفلك إلى تخطي الصعاب والسفر للحصول على مزيد من العلم، بدأ العجيري في التوجه إلى مصر عندما سقط في يده كتاب يسمى الزيج المصري الصادر في سنة 1920 للمؤلف عبد الحميد مرسي غيث والذي يبحث في حركات النجوم والكواكب والشمس والقمر، لذلك ورغم صعوبة المواصلات في ذلك الوقت توجه العجيري إلى مصر طلبًا للقاء بالمؤلف إلى أن وصل إلى قرية بيت النخاس بمحافظة الشرقية والتقى به حيث وجده طاعنًا في السن ينيف عن الثمانين عامًا لذلك أرشده إلى كثير من الكتب والمؤلفات وتلقى على يديه الكثير من علوم الفلك فأحاله إلى بعض تلاميذه بالقاهرة منهم عبد الفتاح وحيد أحمد العالم الفلكي الكبير في ذلك الوقت، وفي القاهرة درس العجيري في جامعة الملك فؤاد الأول في مدرسة الآداب والعلوم وحصل على شهادة إتمام الدراسة بعلم الفلك شهادة مدارس المراسلات المصرية من مدرسة الآداب والعلوم التابعة لجامعة الملك فؤاد الأول بالقاهرة في علم الفلك لنجاحه في الامتحان الذي تعقده الجامعة في علم الفلك. في 10 فبراير 1946 واستمر في تحصيله لهذا العلم بنهم شديد وخاصة على المهندس والفلكي عبد الحميد سماحة مباشر مرصد حلوان، ثم توجه إلى مدينة المنصورة واستكمل دراسته هنالك وحصل على شهادة علمية فلكية من الاتحاد الفلكي المصري العام وذلك في أول أكتوبر عام 1952 بعد انعقاد اللجنة الفلكية العليا للاتحاد الفلكي المصري العام في يوم الأربعاء الأول من أكتوبر عام 1952 بمدينة المنصورة بالمملكة المصرية وقررت منح صالح محمد العجيري الشهادة الفلكية العلمية الثانية تقديرًا لأبحاثه العلمية والرياضية كما قررت اللجنة أيضًا اعتباره عضوًا من أعضاء الاتحاد العاملين لترقية العلم ونشره في جميع الأنحاء.

العمل
ممثلًا
لعل ممارسته للشغب تجاه المدرسين في الفصل لفتت إليه الأنظار وفتحت له طريق التمثيل منذ سنة 1938 مع الممثلين الأوائل كـ حمد الرجيب وعقاب الخطيب ثم اشتهر فيما بعد منذ 1956 وما يليها بالثنائي مع محمد النشمي ثم اعتزل التمثيل في السنين الأولى من الستينيات فطُويت بذلك هذه الصفحة من حياته.

معلمًا
ظل العجيري طالبًا يتلقى العلم بدءًا في كُتاب أبيه ثم بالمدرسة المباركية حيث أتم السنة الثانية ثانوي في عام 1940 في ذلك لم يتوفر العدد الكافي لفتح صف جديد بالسنة الثالثة ثانوي وكانت دائرة المعارف في ذلك الوقت في حاجة للمدرسين لذلك فقد تم تعيينه مدرسًا عن طريق وزارة المعارف هو وزملاءه مباشرة للتدريس في المدرسة الشرقية في شهر سبتمبر 1942 في الفصل الدراسي 1941 – 1943

أحب العجيري مهنة التدريس لما لها من مكانة مرموقة في المجتمع فحرص عليها، بقي في المدرسة الشرقية سنة دراسية واحدة فقط لبعد المدرسة عن منزله الكائن في الصالحية لذهابه إليها مشيًا على الأقدام مرتين يوميًا ذهابًا وإيابًا لكون المداومة على العمل مرتين في الصباح والمساء فطلب نقله إلى المدرسة الأحمدية في الفصل الدراسي 1942 – 1943 لقربها من منزله، في هذه الفترة بدأ عطاء صالح العجيري في تعليم وتربية أبناء الكويت وغرس البحث والاطلاع في نفوسهم، كان راتبه في العمل بالتدريس 47 روبية – حوالي 3 دنانير ونصف – وارتفع راتبه إلى 98 روبية بحدود 7 دنانير كويتية وكان يدرس مواد عديدة منها: الجغرافيا والتاريخ واللغة العربية والحساب، وفي الأحمدية عمل مدرسًا للألعاب مع العلم أنه لا يهوى الرياضة أو اللعب، وكونه مدرسًا للحساب فذلك يرجع لذكائه وفطنته واهتمامه بتلك المادة. ومن أشهر تلاميذ العجيري في هذه الفترة أمير الكويت الحالي صباح الأحمد الجابر الصباح.

لم تدم خدمة العجيري في التدريس أكثر من سنتين إحداهما في المدرسة الشرقية والأخرى في المدرسة الأحمدية 1943 – 1945 وبعد ذلك ترك مهنة التدريس بما أنه اشتغل مدرسًا لمدة عامين دراسيين فكان يعمل ضمن كوكبة أول بعثة تعليمية فلسطينية وكان عددهم أربعة مدرسين من الذين أرسلهم المجلس الأعلى بالقدس، ولعل السبب في ترك العجيري للتدريس راجع إلى أن الطلاب حاربوه بنفس سلاحه. وعن حياته كمدرس قال العجيري:

«ونصيحتي للمعلم أن يبذل قصارى جهده وأن يتحمل الطلبة، فالمدرس الناجح يستوعب الطلبة ولا يغضب.»
محاسبًا وتاجرًا

صالح العجيري (يسار) برفقته عبد العزيز الغربللي سكرتير دائرة المعارف في ذلك الوقت.(صورة التقطت في عام 1947 ببغداد)
بعد عامين من العمل بالتدريس انتقل العجيري للعمل عند التاجر علي قبازرد محاسبًا ولمدة ثلاث سنوات ونصف والراتب كان 250 روبية، بعد ذلك انتقل للعمل عند التاجر أحمد الغربللي براتب 400 روبية وعمل لديه محاسبًا ومكث بهذا العمل أحد عشرة سنة والتحق بعد ذلك للعمل في دائرة أملاك الحكومة ثم انتقل إلى دائرة الإسكان والشؤون الإدارية ومنها إلى دائرة الشؤون الاجتماعية والعمل مسؤولًا عن الإسكان وبعد فترة من العمل انتقل إلى بنك الائتمان والادخار وكان أول مسؤول وأول موظف بنفس الوقت في قسم الادخار حتى تقاعد مراقب الإدارة عن الادخار عام 1971 وتفاصيل ذلك أن العجيري كان محبًا للعمل بالتجارة أيضًا تمامًا كما أحب العمل في التدريس فما أن سنحت له الفرصة حتى قرر ترك مهنة التدريس والاتجاه للعمل التجاري وقد كان له ذلك في عام 1943 عندما تلقى عرضًا للعمل لدى أحد التجار هو قبازرد وإخوانه بضعف راتبه كما أن ياسين هشام الغربلي قد أغراه بهذا العمل وحببه إلى قلبه فكانت نصيحته بالاتجاه للأعمال التجارية، استمر كذلك حتى عام 1947 عندما تلقى عرضًا آخر للعمل رئيسًا لكتاب الحسابات من ياسين هشام الغربلي للعمل في مكتب أخيه أحمد هاشم الغربلي والذي يملك تجارة واسعة في داخل البلاد وخارجها، سرعان ما حاز العجيري على ثقة صاحب العمل ورغم أنه كان شديد الحزم مع الموظفين إلا أن العجيري كان هو الموظف الوحيد الذي يحظى بتقديره فحرص على العمل معه حتى عام 1956 حيث صار راتبه 1200 روبية – حوالي 90 دينار – وهو راتب كبير ومجزي للغاية في ذلك الوقت إلا أن العمل كان مضنيًا للغاية ويستغرق معظم ساعات النهار وبعض ساعات الليل لذلك قرر ترك هذا العمل ليوفر بعض الوقت من أجل هوايته في ممارسة علم الفلك والتحق بالعمل الحكومي محدد الدوام فعمل في فبراير 1956 بدائرة أملاك الحكومة وكان مسؤولًا عن البيوت المثمنة للمشاريع الحكومية والمساكن التي تقدم لطالبي السكن الحكومي من المواطنين.

بعد فترة كان هناك بنك حكومي اسمه بنك الائتمان ولما أضيفت له اختصاصات أخرى وهي الادخار سمي بنك التسليف والإدخار فطلب من العجيري العمل كرئيس للادخار وكان أول موظف في قسم الادخار عند تأسيسه، استمر العجيري على رأس عمله في بنك التسليف والادخار حتى تقاعد عن العمل في الفاتح من يناير 1971. بعد ذلك تفرغ العجيري لإدارة بعض أعماله التجارية الخاصة مثل بيع وشراء الأراضي أسوة بأبيه وإدارة أول شركة للتنظيف في الكويت تنظيفكو والتي أسسها عام 1963 ولا زالت تعمل حتى الآن بل توسعت أعمالها وأصبحت تنافس على المستوى الدولي والعالمي، كما أن عمله بالتقاويم يدر عليه عائدًا ماديًا مناسبًا إلا أن حبه ونهمه لعلم الفلك لم ينتهِ بل استمر من خلال تفرغه لعمل الأبحاث الفلكية وزيارة ومراسلة المراصد العالمية وتأليف الكتب في مجال علوم الفلك وإقامة مرصد فلكي في الكويت.

بالرغم من تنقل العجيري في وظائف كثيرة في الدوائر الحكومية وفي الأعمال الحرة، إلا أن إحدى عينيه في الدفاتر والأخرى في السماء، فالأفلاك تجبره على أن لا يستظل بالأسقف فللنجوم مباهج ولها مواعيد ليس بوسعه أن يخلفها، فبعد أن ظهرت بوادر انتهاء الحرب العالمية الثانية بدأ يبحث عن وسيلة لتلبية حاجته وفهمه الكبير للاستزادة من علم الفلك فتوجه للقاهرة ودرس علوم الفلك في جامعة الملك فؤاد الأول وفي مرصد حلوان إلى عام 1952 بعدها عاد للكويت ليكمل مسيرته التربوية.

الحالة الأسرية

صالح العجيري مع ابنه البكر محمد
تزوج العجيري وهو لا يزال طالبًا في الثانوية في سنة 1941 وهو يبلغ من العمر 20 عامًا تقريبًا وقيل 17 عامًا، أكبر أولاده محمد كأنه اختار له يوم ميلاده من نفس بضاعته فمولده صادف اليوم الأول من الشهر الأول من سنة 1943 وفي الشهر الأول من سنة 1362 هجرية. له بنت واحدة – آمال – وأربعة أولاد – محمد وأحمد وخالد وجمال – وتواريخ ميلادهم ما بين سنة 1943 إلى 1958 وهم الآن كبار في السن وليس بينهم من يهتم بعلم الفلك إلا أصغرهم جمال فله اطلاع واسع بالمعدات الفلكية الإلكترونية ويقتني عدة تلسكوبات يرصد بها صفحة السماء لذلك فإن اختصاصه تحديد مواقع النجوم وله إلمام بحسابات التقاويم، إلى أن تُوفيَّ جمال في 25 مايو 2020 عن عمر يناهز 62 عامًا.

وأصعب مرحلة في حياة العجيري هي تلك المرحلة التي كانت خلالها زوجته مصابة بمرض هشاشة العظام، وكان ينام هو على الأرض بسبب مرضها إلى أن توفيت، أما أفضل مرحلة فهي التي تزوج بها وهو في عمر 17 سنة.

أسباب تعلم الفلك
ليس لاهتمام العجيري بعلم الفلك وممارسة هذه الهواية والتي نبغ فيها وأصبحت مهنة تاريخ محدد ولكنه منذ أن وعى على الدنيا وهو طفل كان يخاف من الظواهر المناخية الطبيعية القاسية المختلفة في الكويت من هبوب الرياح والأمطار الشديدة وما يصاحبها من قصف الرعد ووميض البرق الذي ينير ظلمة الليل الحالك ويحوله إلى نهار باهر يذهب بالأبصار والرياح الشديدة والأمواج العاتية في البحر والحرارة القاتلة صيفًا والغبار الرهيب الذي يملأ الأرض والسماء والعيون أيامًا عديدة والسماء الملبدة بالغيوم القاتمة السوداء والأمطار الغزيرة التي تُدمر كل شيء كما حدث عام 1934 حين دمرت الأمطار الهادرة معظم بيوت الكويتيين وسمي هذا العام بعام الهدامة، ما حدا بوالده وأخوته وأقاربه وكل من يحيط به إلى بذل الجهد ليهدئوا من روعه وفزعه من هذه الظواهر وشرحها له أنها ظواهر طبيعية تحدث مترابطة مع بعضها، نتيجة لتغيرات فصولية قدرها الباري، فنزول المطر أوانه الشتاء ويكون مصحوبًا بالرعد والبرق، والريح المحملة بالغبار تأتي في مواسم وفصول السنة وهكذا أصبح يتعرف على تلك المواسم ومواعيد وقوعها من باب أعرف عدوك، فكان هذا الخوف وهذا الفزع هو الدافع الحقيقي للبحث في علم الفلك وفهم جوانبه المختلفة مما أدى به إلى طريق النبوغ.

لهذا أرسله والده عام 1933 وهو في الثانية عشرة من عمره إلى البادية في ضيافة قبيلة الرشايدة في منطقة رحية جنوب غرب قرية الجهراء والتي كان في وقتها يسكن العجيري في حي الرشايدة في مدينة الكويت، أرسله والده هناك لتعلم الرماية والفروسية ويتعود الحياة الخشنة، فأنس الصحراء وبهره جمال برها وصفاء نهارها ولطف جوها وضوء القمر والنجوم الذي ينساب فينير ظلمة ليلها فحرك ذلك فيه حنينًا جارفًا للعلم بها ودراستها، وفي البادية تلقى أول درس في علم الفلك وهو التعرف على الجهات الأربع فمن المعروف في البادية أهمية تحديد الجهات الأربع وذلك لتسهيل عملية الحل والترحال ومعرفة مواطن الكلأ والماء وكانوا يهتدون إلى ذلك من مواقع النجوم في السماء الصافية وعندما تتلبد السماء بالغيوم تختفي النجوم ومن هنا وجب معرفة كيف يمكن تحديد اتجاه الشمال والجنوب والشرق والغرب في مثل هذه الظروف، تغطي صحراء الكويت الرمال ولا يوجد من الكائنات الحية إلا القليل فعند النظر خلف قطعة من الحجر أو شجرة صغيرة لوجد مثلث صغير من الرمال وذلك بسبب الرياح الشمالية التي تأتي رتيبة صيفًا والرياح الجنوبية الشرقية التي تأتي متعثرة شتاء من هذا المثلث الصغير من الرمال يمكن الاستدلال على اتجاه الشمال والجنوب وبالتالي اتجاه الشرق والغرب الجغرافي، إضافة إلى تعليمه في الكتاتيب والذي أتاح له حفظ ودراسة آيات كثيرة من القرآن والتي تدعو إلى التفكر والتدبر في ملكوت الرب ونشأة الكون، فإن الأسباب الرئيسية التي دفعت العجيري إلى دراسة علوم الفلك هي هذه الظواهر الطبيعية التي دفعته للبحث في أسرار الطبيعة والكون من قبيل أعرف عدوك.

إنجازات
تقويم العجيري
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: تقويم العجيري
بدأ تقويم العجيري منذ عام 1952 وما زال يُنتج كل عام، بدأت أول محاولة للعجيري لعمل الروزنامة – تقويم – منذ حوالي سنة 1934 إلا أنها لم تكن روزنامة بالمعنى المفهوم فلم تكن سوى جداول مخطوطة توضح أيام الأسبوع من الشهر العربي وكانت مبنية على أساس الحساب الاصطلاحي باعتبار الشهور القمرية تتوالى كل 29 – 30 يوم ثم أدخل عليها نظام الكبس ثم بعد ذلك نقل عن التقاويم القديمة بروج الشمس ومنازل القمر ثم المواقيت، وبطبيعة الحال فقد تطورت المعلومات التي ترد فيه خلال تلك المدة وصارت أكثر دقة كما أصبح يصدر على عدة أنواع: تقويم الحائط ومذكرة لطاولة وأجندة للمكتب ومفكرة للجيب ونتيجة للجيب، ومنذ عام 1951 قام العجيري بطباعة التقويم في عدد من الدول مثل الكويت وسوريا في حلب ودمشق ومصر في القاهرة واليابان ونابلس في فلسطين ولبنان في بيروت والعراق في بغداد وباكستان وسنغافورة.

مرصد العجيري
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: مرصد العجيري
في أوائل السبعينيات بدأ د. صالح العجيري في إنشاء مركزه الفلكي على نفقته الخاصة، حيث اشترى قسيمة أرض مساحتها 1000 متر مربع في منطقة الأندلس وبدأ في بناء المركز وفي عام 1973 توجه إلى الولايات المتحدة الأميركية لشراء القبة الخاصة بالمرصد، كما قام بشراء تلسكوب وبعض الأجهزة الفلكية اللازمة للمركز، وبعد ذلك توجه إلى المملكة المتحدة وقام بشراء مقياس للضغط الجوي وآخر للمطر ومقياس للرطوبة وسرعة الرياح وغير ذلك من الأجهزة. تم افتتاح المرصد في 15 أبريل عام 1986

متحف العجيري
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: متحف العجيري
كان حفل افتتاح متحف العجيري محصورًا للمدونين وأبرز مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي وبحضور العالم الفلكي صالح العجيري بنفسه بصحبة السيد إياد الخرافي رئيس النادي العلمي، وفي البداية كانت الفرصة متاحة لمن يريد أن يلتقط صورة تذكارية مع العجيري نفسه والذي تحقق حلمه بأن يكون له متحف خاص له يزوره كل فئات المجتمع.

مكتبة العجيري
تم افتتاح مكتبة العجيري عام 1973 في حولي شارع بيروت ثم انتقلت إلى حولي شارع العثمان وفي عام 1983 تم نقلها إلى حولي شارع قتيبة بجانب شارع النقرة الشمالي وما زالت هناك إلى هذا اليوم كما لا يوجد للمكتبة أي فرع آخر في الكويت ولا في خارجها، سميت مكتبة العجيري نسبة إلى صالح العجيري، تشغل المكتبة طابقين ففي الطابق الأرضي إلى جانب أدوات القرطاسية والمجلات هنالك مجموعة من الكتب الثقافية المتنوعة وللأطفال ركنهم الخاص أيضًا، الطابق العلوي يضم عادة أدوات الرسم وبعضًا من القرطاسية ولوحات تعليمية.

كتبت فاطمة الإبراهيم: «رغم التحديثات التي طرأت على المكتبة – والتي هي الأخرى ليست بحديثة – كتوسعة مساحتها، لكنها ظلت كما عهدها الزائر، تستقبلك روايات عبير قبل أن تهم بالدخول، في كل مره أزور المكتبة أجد الموظفين يهمون بترتيب الأرفف وعلى الرغم من ذلك تجد الكتب مبعثره، الروايات الأجنبية تجدها عند رف الروايات العربية والعكس بالعكس، وبعضًا من الكتب التاريخية تجدها عند ركن تنمية الذات، لكني أحببت تلك البعثرة المحببة إلى النفس، فقد تقصد كتابًا معينًا عند ركنه الخاص فتتفاجأ بكتاب لا يمت لصلة عما تبحث عنه وقد يعجبك ويدفعك لإقتناءه، لم يكن الإنترنت متوفرًا عندما كنت طالبة في المرحلة الإعدادية، ورغم الحداثة وسهولة توفر الصور التعليمية عبر الحاسوب في الوقت الراهن إلا أن المكتبة تضم بعضًا من الصور التي اعتدت وضعها على الدفاتر المدرسية خاصة مادة الاجتماعيات والعلوم.»

مركز العجيري الإسلامي
افتتح سفير دولة الكويت في إندونيسيا فيصل سليمان المسيليم يوم السبت الموافق 13 يونيو 2009 مركز الدكتور صالح محمد العجيري الإسلامي الرابع والذي يقع على بعد 1400 كم من جاكرتا العاصمة، وألقى السفير كلمة بهذه المناسبة شكر فيها صالح العجيري وعائلته على تبرعاتهم المتكررة والسخية حيث زار السفير فيصل سليمان المسليم ثلاثة مجمعات تعليمية في إندونيسيا تبرعت بها عائلة العجيري والتي أشرفت على إدارتها وتشغيلها جمعية الإصلاح الاجتماعي بدولة الكويت، أقيم المركز على أرض مساحتها 6040 مترًا مربعًا وبمساحة بناء إجمالية 4312 مترًا مربعًا واشتملت مباني المركز على مسجد ومرافقه يسع 500 مصليًا ومدرسة ابتدائية سعة 500 طالب وطالبة وسكن للأيتام سعة 120 يتيم إضافة إلى المطعم وصالة للأنشطة وصالة للرياضة المغلقة وملاعب خارجية، حضر حفل الافتتاح من الجانب الكويتي أحمد صالح العجيري ممثلًا عن والده وحسام المطوع ممثلًا عن جمعية الإصلاح الاجتماعي وعن الجانب الإندونيسي محافظ المنطقة الجنوبية لجزيرة سولاويسي ورئيس البلدية والقائد العسكري للمنطقة الجنوبية لجزيرة سولاويسي وعدد كبير من الشخصيات الرسمية والشعبية وأولياء أمور الطلبة.

النتاج المؤلفي والبحثي
بعد أن تلقى العجيري ونهم الكثير من علم الفلك والأرصاد الجوية بدأت ظاهرة التأليف تأخذ مجراها وبدأت مسيرة العطاء تأخذ طريقها في الإثمار فقام بإصدار عدد من المؤلفات والمطبوعات في سن مبكرة جدًا حتى أثناء دراسته قبل عام 1946 وقد بدأها بإصدار التقاويم، كما أنجز في عام 1937 قبل الحرب العالمية الثانية أول محاولة لعمل تقويم حيث سلمه والده إلى عبد الحميد عبد العزيز الصانع الذي سلمه للشيخ أحمد الجابر الصباح أمير إمارة الكويت حينها وأوصله إلى السيد عزت جعفر الذي أرسله لمصر للطبع لكن نشوب الحرب العالمية الثانية حال دون طباعته بسبب انقطاع طرق المواصلات في ذلك الوقت، وفي عام 1940 قام بتأليف التقويم الثاني الذي لم يُطبع أيضًا لعدم استطاعته المادية، بعد ذلك بثلاثة أعوام وفي عام 1943 قام العجيري بنفسه بطباعة تقويمه الأول في بغداد وهو عبارة عن صفحات صغيرة لكل شهر صفحة واحدة.

وفي عام 1944 طبع التقويم الثاني على ورق ملون في بغداد لأن الحكومة العراقية في ذلك الوقت كانت تمنع خروج الورق الأبيض خارج البلاد لتخصيصه للاستخدام الداخلي، وفي أول حكم الأمير عبد الله السالم الصباح تم طبع طبعة جيدة وممتازة لتقويم الحائط بمصر تحمل صورة الأمير حيث قام بطباعته الأستاذ عبد العزيز حسين والأستاذ عبد الله زكريا الأنصاري بعد ذلك قام بإصدار الكثير من أشكال التقاويم للمكتب والمذكرات وغيرها وأصدر عددًا كبيرًا من المؤلفات والنشرات منها:

كتب
كتاب دروس فلكية للمبتدئين الطلاب
كتاب علم الميقات
كتاب التقويم الهجري وكيف يحسب
المواقيت والقبلة
التقاويم قديمًا وحديثًا
كتاب كيف نحسب حوادث الكسوف والخسوف
خارطة ألمع نجوم السماء؛ تتضمن ألمع نجوم السماء في النصف الشمالي والجنوبي
كيف تستدل على الفصول الوجهات الأربع

تقويم القرون؛ صدرت الطبعة الأولى منه بعنوان التقويم العام
مذنب هالي حدث كوني وانعكاس إنساني.
تقويم القرون لمقابلة التواريخ الهجرية والميلادية 2
الاهتداء بالنجوم في الكويت
قواعد وأمثلة
جدولة الوقت
دورة الهلال

أبحاث
المناخ والمواسم الزراعية في الكويت
الخطوط والدوائر
أهمية ميل الشمس
مداخلات الزمن
وسائل تعيين الجهات
التواريخ قديمًا وحديثًا
التحقيق العلمي لموعد طلوع الفجر الصادق
استخدام الحاسبات الفلكية في اثبات الرؤية الشرعية للهلال
الجدولة الشاملة للمواقيت في شتى بقاع الأرض
رصد الكواكب والنجوم

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى