برزت خلال السنوات القليلة الماضية اكذوبة جديدة ضمن سلسلة الأكاذيب والحملات التشويهية التي تستهدف مكانة العرب وسمعتهم واهميتهم ودورهم الإنساني الكبير الذي كلفهم الله به في حمل راية الاسلام الى البشرية جمعاء ، تلك هي اكذوبة عدم عروبة القرآن الكريم الذي شرف الله به امة العرب بأن جعله بلغتهم ولا يجوز تلاوته نصيا الا بها مدعين ان كلمة عربي أينما وجدت في القرآن الكريم تعني الاكتمال والوضوح والتمام والخلو من اي نقص وعيب وهذا وحده يكفي فخرا للعرب بأن يكون اسمهم يحمل كل هذه المعاني الكريمة و ويقول البعض ان اللغة العربية هي لغة اهل السماء وليست لغة العرب وهذه مدعاة أخرى للفخر العربي بانهم يتكلمون بلغة اهل السماء واهل الجنة ولغة القرآن ولكن مع كل ذلك فان القرآن نزل بلغة العرب وعلى ارض العرب وحمله العرب الى البشرية جمعاء والنصوص التي تشير إلى عروبة القرآن في القرآن نفسه والسنة النبوية كثيرة وسنتطرق الى بعضها بحكم ان مقالا واحدا لايكفي لعرضها جميعا ففي الاية ( ١٠٣) من سورة النحل أكد الباري عز وجل على عروبة القرآن لغويا حيث قال سبحانه وتعالى
((وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ۗ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ )) وهو هنا تأكيد ان لغة القرآن هي عربية خالصة ، لسان الذي يلحدون إليه أعجمي والاعجمي في القرآن تعني كل ماهو غير عربي وهذا لسان عربي مبين وفي الاية الثانية من سورة يوسف تأكيد آخر على عروبة القرآن الكريم (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ).
هنا يخاطب الخالق العرب انه انزل القرآن عربيا اي بلغتهم لكي يفهمونه وينقلونه الى البشرية بلغتهم فمن غير المعقول ان تنقل نصوص الى الاخرين و انت لاتفهم معناها . وفي السُنة النبوية الشريفة نكتفي بحديث واحد يدل على عروبة القرآن الكريم حيث قال نبينا الأكرم صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم في الحديث الذي حدثه الالباني عن عبدالله بن عباس في كتاب تخريج مشكاة المصابيح ( احبوا العرب لثلاث لاني عربي والقران عربي ولغة اهل الجنة عربية) والحديث واضح جدا ولايحتاج الى تفسير كما ترون.
ومما يؤسف له ان من يروج لهكذا أكاذيب هم من طبقات المجتمع العربي المثقفة ربما دون قصد لكن هذا لايبرر مثل هذا الخطأ الفادح الذي يسيء إليه هو كعربي اولا والى أمته ثانيا فمن المعيب ان نروج لمثل هذه الأمور دون ان نحاول الغوص في اعماقها وسبر اغوارها ومعرفة غايات ونوايا من يبثها في الخفاء فكلنا يعلم أن اكثر امة تتعرض للتشوبه والانتقام هي امة العرب عقابا لها على اختيار الله لها بأن تحمل آخر رسائله السماوية علي يد ابنها العظيم النبي العربي وخاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم وامثلة الاساءات والتشويه كثيرة جدا اولها الاساءة المتكررة والمستمرة لنبي الاسلام الذي خرج من رحم امة العرب ومرورا بإلصاق تهمة الارهاب بها من خلال الأحداث المعروفة للجميع والتي يُخَطَط لها في الغرف المظلمة ويغرر بالشباب العربي والمسلم ليكونوا ادواتها ووقودها مستغلين تضورهم جوعا وهم يتحسرون على مصدر لرزقهم وابسط حقوقهم في التعيين وتأمين الخدمات لهم ولعوائلهم وهم يعيشون على ارض فيها من الخيرات ما يكفي لإشباع العالم بأسره ثم اتهامهم بالهمجية والبداوة وعدم قدرتهم على تقبل التحضر ( الفساد الاخلاقي الذي يصدره اعداء العرب والمسلمين لهم ) مع انهم نشأوا على ارض علمت العالم كله معنى الحضارة والتحضر منذ بدء الخليقة حتى أواخر العهد العباسي وخير شاهد ما كانت تمثله بغداد من منارة للعلم والحضارة ، ثم جاءونا بكذبة عدم عروبة القرآن وربما سيأتوننا بعدم عروبة النبي العربي محمد صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم وقد نصدقهم بكل اسف وهناك نوع آخر من التشويه والإلغاء الذي يمارسه البعض بأن ينسب البطولات والفتوحات كلها لعهده ،من خلال تداول منشورات تشير إلى ذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، ويلغي العهود التي سبقته لأنها كلها كانت عهودا عربية خالصة.