مقالات

ألصراع قدر ويجب التعامل معه بحكمة

#الشبكة_مباشر_بروكسل_د . فوزي الكناني

ولد الإنسان ليدخل في صراع لا ينتهي مع كل شيء مع أخيه الإنسان فيقتله كما فعل قابيل بهابيل ، ومع الطبيعة فيغير معالمها ويجفف أنهارها ومع زوجته وأولاده ،( أن من أزواجكم و اولادكم عدوا” لكم

فأحذروهم) سورة التغابن 14 ، وان لم يجد أحدا يتصارع معه فمع نفسه ، فهو يريد شيئا وعقله الباطن يريد شيئا آخر ، فتظهر النفس اللوامة والنفس الإمارة وتنتابه الاحلام المزعجة والكوابيس ، كل هذا

فضلا عن صراعاته مع الكوارث والأوبئة والحيوانات بل وحتى الحشرات ….

للصراع صور بعضها بسيطة والبعض الآخر معقدة ولعل أكثرها تعقيدا هو صراع الإنسان مع نفسه وقد سمى الدين الجانب الإيجابي للصراع مع النفس بالجهاد الأكبر ثم يتدرج الصراع في الانتشار والتوسع

حتى يصل إلى صراع القوى العظمى والمجاميع البشرية الكبرى تحت مسميات مختلفة ، والصراع بأنواعة ودرجاتة يلتقي صعودا أو نزولا في نقطة ما وهي طبيعة الإنسان المجبولة على الصراع والمكابدة

ومنه قوله تعالى ( لقد خلقنا الانسان في كبد ) .

ولست هنا بصدد البحث عن الصراع المشروع من غير المشروع كما يحاول الإنسان نفسه وضع أقنعة على بعض أنواع الصراعات لتبريرها من أجل أضفاء حالة من السكون النفسي لأطراف عدة بغية

استمالة الناس لهذا المعسكر أو ذاك لادامة الصراع . أقول أن الإنسان مؤهل للصراع قبل خلقه وقدسألت الملائكة عنه كما في قوله تعالى ( قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسلك الدماء ) سورة البقرة

آية 30 وكأنها تعرف طبيعة هذا الكائن القادم المضطرب الذي هو في طور التكوين لكنه مصدر فزع للملائكة مع أنه خلق في أتم صورة ( لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم ) سورة التين آية 4 .

ولا شك بأن سيدنا آدم عليه السلام هو المقصود بالإنسان الاول وقد خلقه الله تعالى باحسن تقويم وخلق له زوجا ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا ) سورة الروم آية 21 ، أوجد الله له زوجا من

نفسه لكي يسكن إليها وتخمد ثورته ويشعر بالمودة وأودع الجنة كي يعيش فيها بسلام وسعادة وقلنا يا آدم أسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيثما شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من

الظالمين، ولكن هذا الإنسان أبى إلا أن يقرب هذه الشجرة بالذات ، ماذا حدث بعد ذلك ( أهبطوا بعضكم لبعض عدو) سورةالاعراف آية 24 .

والعداوة هنا تكرس حالة معينة وتوجبها وهي تبدأ منذ الطفولة المبكرة فنرى الطفل الصغير لايتقبل مجيء أخ جديد يأتي من بعده لانه سيستاثر باهتمام أبوية ومحبتهما .

وعليه فقد احتاج الإنسان إلى أنبياء ورسل وأئمة هدى ومصلحين يأتون ليبلغوه رسالات ربه ولكن هؤلاء يستطيعوا بلوغ المرام في تغيير العالم وغاية الأمر أنهم قاموا بتبليغ الرسالة على أتم صورة ( وما

على الرسول إلا البلاغ ) ،وهذه الحالة توجب على البشر أن يعلموا بأن الصراع كان وما زال وسيظل وعلينا أن نتعلم فن الابتعاد عن الصراع وفن معايشة الصراع .إن أسباب الصراع متوفرة دائما سواء داخل

النفس البشرية أو الأسرة الواحدة أو الصراع الأزلي بين الرجل والمرأة ومحاولة كل طرف السيطرة على الطرف الآخر.

ويصل الصراع إلى مقاماته فيكون بين الدول العظمى المالكة للأسلحة النووية وبضغطة زر قد تؤدي إلى تدمير العالم.

إذن الصراع قدر ويجب التعامل مع هذا القدر بحكمة وحذر ولعل أكثر المتضررين من هذا الصراع هم المصلحون التي تحب الخير للآخرين قبل نفسها
.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى