مقالات

إيران وإسرائيل وحلفائهما أوجه لعملة واحدة

#الشبكة_مباشر_عمان_بقلم المستشار د. إبراهيم الزير

بداية لابد أن ندرك مدى العلاقة بين كلا من إيران وإسرائيل ومن ثم تحليل الوضع الراهن في المنطقة والشرق الأوسط ومن هنا تكون البداية.. بادىء ذي بدء الموساد وقع تعاون مشترك مع المخابرات الإيرانية في عام 1955 وكانت من أوائل مذكرات التفاهم والاتفاقيات التعاون الاستراتيجي ويسبقه في هذا الشأن عام 1951 مع المخابرات الامريكية وبريطانية في عام 1953وفرنسا 1953والتركية 1954 ومؤخرا مع إيران كما ذكر سالفا في 1955م.

حيث كون بموجب تلك الاتفاقيات حلف ثلاثي ضم كل من ايران وإسرائيل وتركيا وتم الاتفاق على أن يتم انعقاد اجتماعين للحلفاء الثلاث في نفس العام لهذا الحلف لتباحث والتشاور واتخاذ القرارات ويكون كل مرة في عاصمة من العواصم الثلاث تل ابيب وطهران وأنقرة.

وهنا كانت بداية التعاون المباشر بين الفارسية والصهيونية وكان للفارسية دور في نقل المهاجرين اليهود من ايران والبالغ عددهم أكثر من مليون ومن العراق وسوريا الى إسرائيل.
وكان لإسرائيل في المقابل دور في مساعدة طهران بتزويدها بالمعلومات الاستخباراتية القادمة من الاتحاد السوفيتي ضد ايران من خلال المهاجرين الروس اليهود ، حيث أستمر هذا التعاون المشترك منذ 1955 الى نهاية 1978 نهاية حكم الشاه في طهران أي نتحدث عن قرابة خمسة وعشرون عاما من التعاون ويأتي ذلك بالتزامن مع أن ايران أصبح أكبر مصدر للبترول لإسرائيل ومستمر الى الان رغم عدم الإعلان عنه بشكل مباشر .

والجدير بالذكر أن ايران أنضم لوكالة الطاقة الذرية في عام 1958 رغم التوثيق والتصديق على اتفاقية عدم انتشار الأسلحة النووية في عام 1974م وكانت بناء على ذلك لها علاقة جيدة مع الوكالة.
وكان البرنامج النووي الإيراني الذي بدأ في عهد الشاة هو اتفاق أمريكي بريطاني فرنسي إسرائيلي لتشجيع طهران على تفعيله ليكون لها دور وورقة مستقبلية في الضغط على المنطقة العربية وخاصة الخليج العربي وقت ما يطلبه منها.

ومع بداية أحداث حرب الخليج الأولى في عام 1990م ومع غزو العراق الكويت ومن ثم تحرير الكويت في السادس والعشرون من فبراير 1991م بدأ الغرب يركز على القدرات النووية العراقية وأسلحة الدمار الشامل كما كان يزعم الغرب ، الامر الذي أدى الى تجاهل الغرب وتغافله عن البرنامج النووي الإيراني سواء من جانبهم أو من قبل الوكالة والرصد النووي والمخابرات الغربية خلال التسعينات.
وفي عام 2003 بدأت إيران في اتخاذ قرار في تدمير القدرات النووية الإيرانية حتى عام 2006 وبداية في يناير من ذاك العام حيث وضعت خطة لتدمير أهداف البرنامج الإيراني الا انها استوقفت هذا القرار واستبداله باغتيال العلماء الفرس والقادة العسكريين والعمل على تخريب البرنامج من خلال الغزو الالكتروني والسيبراني .

ورغم كل ذلك أستمر ايران في برنامجها النووي ونجحت في تنفيذ المشروع وإنتاج القنبلة الذرية رغم انكارها دوليا على ان البرنامج هو للاستخدام السلمي ، وبعد مرور كل التداعيات والتغيرات على أرض الواقع أيقنت الإدارة الامريكية والغرب بحلفائها باستحالة تدمير البرنامج النووي وجعلها تستثمر في المفاوضات على مدار سنوات للسعي للوصول لاتفاق لما عرف بعد ذلك 5+1قبل نهاية عام 2015 .
وفي يناير 2023 أتفقت كل من أمريكا وبريطانيا وإسرائيل للسعي في توجيه ضربة إجهاضيه لايران وكان يسبقها مناورات أمريكية إسرائيلية تحاكي كيفية ضرب ايران (أي محاكاة للحرب والضربة ) ، ولكن جاء تقرير البنتاغون برفض العملية وقبول ايران دولة نووية مثل باكستان والهند وكوريا الشمالية وتضمن التقرير بأن ايران هي الأكثر أمنا على مصالح أمريكا وإسرائيل وبريطانيا وحلفائها في الشرق الأوسط من خيار الحرب ضدها

و رغم كل تلك المؤشرات الا ان إسرائيل لم تتقبل هذا القرار وبدأت الاعتراض عليه والضغط على واشنطن للهجوم على ايران لأنها لا تستطيع تنفيذ هذا الهجوم بمفردها حيث يتطلب الف طلعة جوية خاصة طائرات من طراز B52ونوع خاص من القنابل الخارقة الدروع وطائرات أمداد الوقود ألا أن الإدارة الامريكية رفضت تسليمها حتى الان تلك الأدوات.

بناء عليه استمرت إسرائيل في اغتيال العلماء والقادة العسكريين حتى اول ابريل 2024 الماضي ، حيث اخترقت الوحدة 8200 وهي الوحدة الإسرائيلية المسؤولة عن التجسس الالكتروني والتي تعمل على جمع الإشارة وفك الشفرة والمسؤولة أيضا عن قيادة الحرب الالكترونية في جيش الاحتلال الإسرائيلي من خلال مقرها قي هضبة الجولان، الاتصالات المشفرة داخل دمشق وخاصة في القنصلية الإيرانية في دمشق من خلالها حصلت على معلومات. اجتماع القيادات العسكرية الإيرانية بالمبنى الذي تم استهدافه بعد ذلك

و على الفور تم نقل المعلومات من الوحدة مباشرة إلى سيرب الطائرات الشبحية F35 في مقرها بقاعدة (نيفاتيم) التي تقع في بئر السبع وكان القرار من نتنياهو بتنفيذ العملية فورا وتم تدمير المبنى واغتيال كبار القادة العسكريين الإيرانيين ولم يتم الإبلاغ المسبق لواشنطن وكانت حجتهم لضيق الوقت .

وكان لإيران خيارين اما التهاون في الرد كما حدث في واقعة قاسم سليماني أو الرد المغالاة فيه وتوريطها في حرب كل تلك الردود تأتي في ذهن الإدارة الفارسية وهي تحاول المحافظة على برنامجها النووي الذي قد تحقق منذ الإمبراطورية الفارسية ونجاحها في الهيمنة والسيطرة على اربع عواصم (سوريا / العراق / اليمن /لبنان ) ، حيث هذا المشروع أستغرق عقود من الزمن حتى أستطاعت أنجازه ايران .

وفي الرابع عشر من ابريل الماضي 2024 قامت ايران لضرب العمق الإسرائيلي من خلال العديد من المسيرات وصواريخ سكود وكروز والبالستية التي استغرقت قرابة الخمس ساعات للوصول للعمق الصهيوني، والتي تعد 10% من أسلحتها والتي عبرت مسافة ألفان كيلو متر بوزن يضرب الى 60 طن .

وهنا البعض منا اعتبرها مسرحية هزلية بين كل الأطراف والبعض الاخر كان له رؤية ولم يحرك ساكنا بأنها للتأثير على المرحلة المقبلة وكان لدي نظرة مختلفة مغايرة للواقع الهزلي وهي ما قامت به الدولة الفارسية هي مرحلة عسكرية للتعرف على قدرات ومدى كفاءة الدفاع الجوي الإسرائيلي المكون من ثلاث منظومات (القبة الحديدية التي تعمل مداها من 4 ك الى 70 كيلو ومقلاع داود مداه من 100 الى 200 كيلو متر والمنظومة (أرو) (2،3) البعيد المدى المخترق للغلاف الجوي .

والسعي على تحديد بطاريات الصواريخ الإسرائيلية ناهيك عن استنفاذ قدرات المخزون الإسرائيلي حيث كلف إسرائيل مليار دولار وحلفائها أيضا مليار دولار في حين ايران كلفها الهجوم قرابة 100 مليون دولار وهي تعد رسالة لإسرائيل وواشنطن وحلفائها أن كلفه حربها يوميا ضد ايران سوف يكلفها مليار دولار يوميا ، وجاء الرد الإسرائيلي على نفس النهج ونفس النظرية العسكرية .

والسؤال هنا وهو ما يجري خلف الكواليس تلك المسرحية ( ” هل سوف تفعلها !!!!”) في جر المنطقة لحرب لا نهاية لها ، حيث ايران تلعب الدور الذي لم تستطيع لعبه إسرائيل على مدى صراعها مع العرب في السيطرة والهيمنة وتحقيق حلمها في نظرية (إسرائيل الكبرى ) من النيل للفرات من خلال أذرعها في المنطقة في جر المنطقة لحرب تكون لإسرائيل الذريعة في الاستيلاء على اكبر قدر من الأراضي العربية وتحقيق فكرة تقسيم المقسم ؟؟! حيث ان كل المؤشرات تكشف دور إيران في تنفيذ الاجندة الغربية بحذافيرها.

ونفس الوقت تحاول أن تتعرق أيضا في حالة الاخلال بها واللعب بها وتكرار مشهد سقوط بغداد وتفكيك الدولة وجيشها وخلق فوضى خلاقة للقضاء على الدولة الفارسية وتحويلها الى دويلات صغيرة وهو الدور الأمريكي المتكرر في كل مرة للقضاء على دول سواء في حروبها الإعلامية والجيوسياسية لتفكيك المنطقة بأكملها كما حدث في لبنان وسوريا واليمن والسودان وليبيا وايضا هل بالفعل أنتهى دور إيران بعد أن خدم ونفذ الاجندات الغربية في منطقة الشرق الأوسط.

ايران وإسرائيل وامريكا وحلفائها منذ قديم الأذل وهم وجهان لعملة واحدة استعان واشنطن بإيران كي تكون مكملة لدائرة الشر في المنطقة ودعمها في كل مرحلة من المراحل بالتعاون مع التنظيم الدولي الإرهابي للإخوان والجهاد وبالتالي تدعم هي أذرعها في تقسيم الدول والسيطرة من خلال حزب الله على سبيل المثال حماس و الجهاد وميلشياتها في العراق واليمن وسوريا و ليبيا و السودان ، و اليوم نشاهد استفزازها لدول مجلس التعاون الخليجي و اخرها النزاع حول حقل الدرة حيث أعلنت السعودية والكويت أنهما المالكان الوحيدان له و في إطار خلاف يشهد تصعيدا بعدما هددت طهران بمواصلة عمليات التنقيب و اليوم تهدد عسكريا كل تلك التطورات تبرهن لما تقوم به ايران من دور خبيث لأجندة صهيونية غربيه في المنطقة.

وهل من الممكن أن يكون السابع من أكتوبر 2023 تكون هي الهدية التي قدمتها ايران من خلال حماس ( الهدية الكبرى ) لإسرائيل في تحقيق حلمها والقضاء على القضية الفلسطينية كما حدث في السابق من عام 1982 عندما اجتاحت إسرائيل لبنان بعد محاولة اغتيال شلومو أرجوف وكذلك في احتلالها الضفة الغربية وهضبة الجولان وضرب العمق السوري واحتلال نهر الأردن وغيرها من الأسباب التي ساعدت إسرائيل في تحقيق حلمها كما هو في أوجه الشبه لأحداث 11 سبتمبر 2001م عندما أعلنت واشنطن حربها على الإرهاب وكانت البوابة والنافذة لضرب وغزو العراق وأفغانستان وتقسيم الدول وتحقيق الربيع العربي والفوضى الخلاقة في منطقة الشرق الأوسط.

اذن وبعد طول انتظار قدمت ايران لإسرائيل العديد من الهدايا على طبق من فضة لتحقيق أحلامها وذلك بالتعاون ودعم واشنطن وحلفائها وأخرها السعي للقضاء على قطاع غزة بأكمله ومن ثم الضفة الغربية ومن ثم تمددها بالمنطقة بعد خلق وجر المنطقة لحرب إقليمية تطول الأخضر واليابس وتقسيم المقسم وإسرائيل الكبرى وكذلك أن سعت الدولة الصهيونية في ضرب العمق الإيراني فعليا والقضاء عليها فأنها ضمنت فعليا فوضى خلاقة بعد القضاء عليها خاصة في لبنان وسوريا والعراق واليمن وأفريقيا بعد ان كان لها سيطرة كاملة على كل تلك العواصم من خلال ازرعها…

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى