مقالات

اُكِلْتُ يوم اُكل…يوم اكل الثور الاسود

#الشبكة_مباشر_بغداد _ خالدالسلامي

يحكى انه كان هناك في مكان وزمان ما ثلاثة ثيران نشطة وقوية ذات قرون مخيفة ترعى يوميا في مراعي قريبة من إحدى المناطق وهي متآلفة فيما بينها إلى درجة أن من يراها يشعر بأنها متحدة ومتحالفة ومتعاونة

فيما بينها لدرء وردع أي خطر قد يداهمها وكان لكل من هذه الثيران لونه فاحدهم كان اسود اللون والثاني احمره والأخر كان لونه ابيضاً وكان يتربص بها أسداً هصوراً وهو ينظر إلى لحومها وشحومها المتهدلة من

رؤوسها وحتى إقدامها وهو يتحين الفرص لذلك بل ويفكر في كيفية تفريقها ويتمكن منها الواحد تلو الآخر فبدأ بالتقرب منها وراح يتودد إليها ويداعبها ويتغزل بهذا وذاك إلى أن تمكن من كسب ثقتها فأخذ ينفذ مآربه

وإطماعه ثم استغل ابتعاد الثور الأسود قليلا عن صاحبيه الآخرين وانفرد بالثورين الأبيض والأحمر واخذ يحرضهما على ذلك الثور الأسود ويصفه بأسوأ الصفات البذيئة والتندر بلونه الأسود المشؤوم وكثرة تناوله لأعشاب

المرعى وان التخلص منه سيجعل هذا المرعى كافيا لاثنين بدلا من ثلاثة ومن الضروري بقائهما معا لأنهما ثوران جميلان بألوانهما الزاهية فتمكن من إقناعهما على قتله فتعاونا معه على ذلك وتناوله السيد الأسد

الهصور بكل هدوء فأكل حتى شبع ثم عاد إلى طريقته الأولى واخذ يحرض الثور الأبيض على الأحمر وبنفس الطريقة مقنعا إياه بأن المرعى لو بقي له وحده سوف لن يجوع ابداً بعد ذلك وانه سوف يعينه على قتل الثور

الأحمر وهكذا أقنعه بذلك فقتلاه فسارع الأسد المحتال إلى تناوله بكل بنفس الهدوء والطمأنينة وظل يداعب الثور الأبيض المخدوع حتى جاع فقرر أن يأكله وهذه المرة لن يخاف من احدٍ قد يعاونه على مقاومته لأنه

تمكن من زرع الفتنة بينه وبين أخويه القتيلان المأكولان وعندها شعر ذلك الثور انه قد وقع ضحية لتلاعب ذلك الأسد المخادع فقال وبعد فوات الأوان ( أكلت يوم أكل الثور الأسود ) وهو أول ثور قُتل بمخادعة ذلك

الأسد اللعوب وهكذا أصبح وليمة سهلة ودسمة لذلك الأسد الذي استطاع أن يفرق بين الإخوة المتحدين المتعاونين ويأكلهم واحداً بعد الآخر . وهكذا هو حالنا نحن العرب اليوم حيث اكلنا منذ

اكلت سبتة ومليلة وجزرها الثلاثة عشر والاسكندرونة والاحواز وديار بكر ثم فلسطين والجولان وسيناء ، ثم اكلنا يوم رضينا بكراسي اتفاقية سايكس بيكو المشؤومة التي جزأتنا الى دويلات متناحرة ، ولايزالون

يتربصون بنا ويحاولون تحريضنا الواحد ضد الآخر حتى يتمكنوا منا فهم يوميا يأكلون دولة من دولنا ويسحقون شعبا من شعوبنا وينهبون ويسلبون من أراضينا وثرواتنا بكل هدوء وغيلة وحرمنه فمنهم من هم قادمين من

أقصى الارض ومنهم من هم اواسطها ومنهم من هم اقرب كل يحتل وينهب بلداننا بطريقته ونحن في صراع دائم مع بعضنا البعض وان لم نجد من نحاربه كدول فأننا نتحارب فيما بيننا كشعوب ونحاول أن نجد ما يبرر ت

لك الحرب بالحديث عن لون هذه الفئة أو تلك أو عرقها أو دينها أو مذهبها والمتربصين بنا يسحبون ثرواتنا بأريحية كاملة بعد أن تمكنوا من زرع بذور الفتنة والتناحر بيننا فأصبح لا هم لنا سوى محاربة بعضنا البعض

كدول وشعوب ثم كفئات وقوميات وطوائف ولا ندري إلى متى سنبقى أرضا خصبة لكل تلك الألاعيب والدسائس الخبيثة القادمة إلينا من جميع الجهات المحيطة بنا القريبة منها والبعيدة .

الله وحده يعلم.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى