مقالات

رحلة الفساد…. من الحواسم الى صفقة القـــرن !!!!

#الشبكة_مباشر_بغداد_د. نـمـيـر نـجـيـب نـعـوم

لاينسى شعبنا العراقي الأصيل ماشهدته المصارف والشركات والدوائر والأسواق قبل اكثر من عشرين عاما ، من عمليات سطو وسرقات وتدمير وأستيلاء على جميع الأموال النقدية والعينية وحتى المتاحف لم تسلم حيث ثم شفط مافيها من مقتنيات ولقى اثرية يعود تاريخها الى ألاف السنين ، وتم كل ذلك وفقا لخطة مدروسة بعناية من قبل القوات الديمقراطية التي احتلت البلد ، خطة تقوم اركانها الرئيسية على فرضية وجود فئة من الشعب لديها كامل الأستعداد لبيع اي مباديء اخلاقية او دينية او وطنية في سبيل ارضاء واشباع مصالحها الشخصية والمادية ، ويبدو ان قوات الاحتلال التي ادعت انهاء العصر الديكتاتوري كانت راغبة وبشكل كامل ان يبدأ الشعب حياته الديمقراطية الجديدة بعمليات السلب والنهب العشوائي والتي سميت بعد ذلك بمصطلح ” الحواسم “.

ماحدث خلال تلك الأيام العصيبة كانت درسا تناقلته الأجيال حتى اصبحت بمثابة أدب يحتوي على قصص وروايات يتحدث بها القاصي والداني ، فالقوات العسكرية التي اوصلت الينا الديمقراطية وقدمتها كمقبلات على طبق من ذهب ، كانت تريد ان تقدم رسالة ستراتيجية في مجال الفساد ، وهي ان يستمر الفساد بكافة صنوفه واشكاله ، وهكذا وصلت الرسالة بحيث انه وخلال العشرين عاما لم يسلم ايا من قطاعات البلد من ذلك، لابل ان هناك سباقا شرسا بين اصحاب القرار والمنظرين عن الفساد في توزيع مندوبيهم على القطاعات حسب مايتوفر فيها من تخصيصات مالية يمكن امتصاصها لصالحهم.

عموما الفساد لاينتعش ويكبر ويزدهر بدون وجود ارادة قوية تدعمه ، وقد توالت انواع من الارادات والمنهجيات التي تتحكم بها قوى واضحة على دعم الفساد، ولعل من افضل انواع الدعم ، هو عدم قدرة اي جهة رقابية على القيام بردع مرتكبي جرائم الحصول على الأموال والممتلكات العامة خارج نطاق الشرعية القانونية ، فلا فرق بين ماحصل بالعراق بعد 2003 وبين مايعيشه في الألفية الثالثة ،

فالحواسم قبل عشرين عاما حسموا القضية وقرروا امام العالم ان يرتكبوا كل انواع الاستيلاء على الأموال العامة والخاصة مادامت السلطة حينذاك قد سمحت لهم بذلك ، اي ان الحواسم اخذوا قرارهم بحسم الموضوع لصالحهم ، بعد ان اطمئنوا الى ان السلطة في حينها قد حسمت عدم تدخلها فيما يفعلون من جرائم منكرة . ويتم اعادة السيناريو بعد عشرين عاما عندما قرر ابطال الصفقات القرنية المليارية ان يحسموا موضوع تلك الصفقات عندما تأكدوا بأنهم مطمئنون من اي اجهزة وجهات تلاحقهم وتمنعهم ، لأن هذه الجهات ايضا قد حسمت موقفها ولاتتمكن من ردعهم وايقافهم !!!

ليس بجديد وقد قالوها سابقا بأن الفساد عموما هو ثقافة قد تكون محدودة للبعض الا انها مفعمة بالكنوز والموارد لدى البعض الأخر، فأن من يريد ان يحسم الداء فعليه بالدواء، ومن يريد حسم الجهل عليه بالعلم والمعرفة والثقافة ، ومن يريد حسم الظلام عليه باشعال شمعة، ومن يرغب بحسم الفساد والتجارة بالمال الحرام ، عليه بملاحقة الرؤوس العملاقة التي تضع ستراتيجيات صفقات الحرام ، لا ان يتم تركهم وملاحقة الشتلات الصغيرة ، فتطهير الفساد يبدأ من القمة ، ومن يريد ان يلعب دور الحواسم في القضاء على صفقات القرن ، فالحسم يجب ان ينحسم لكي يكون منحسم كالسيف القاطع للجدل والدردشات والأقاويل والتصريحات والأحاديث الفكاهية ..

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى