جرائم الشرف تطال النساء في أوروبا أيضًا
أعلن “مرصد نساء سوريا” يوم 29 تشرين الأوّل/ أكتوبر من كلّ عام، يومًا عالميًا للتضامن مع ضحايا جرائم “الشرف”، أو ما يُسمى بـ “شرف العائلة”، وذلك إثر حكم إحدى غرف الجنايات في سوريا على رجل قتل شقيقته بأنه “بريء من دمها” لأنه ادعى أنه قتلها باسم “الشرف”.
للأسف، لا نحتاج في عالمنا العربي يومًا واحدًا في السنة لنتذكر ضحايا جرائم “الشرف”، فأخبار القتل الذي يُمارس بحق النساء هي كثيرة، ونسمعها دومًا من قريب وبعيد. بداية، من الجدير بالذكر أن “جرائم الشرف” أو القتل بدعوى “الشرف”، هي: “جريمة قتل يرتكبها غالبًا أحد الأعضاء الذكور في أسرة ما أو قريب ذكر لذات العائلة بحق أنثى أو مجموعة إناث في ذات الأسرة. حيث يقدم الجاني على القتل لأسباب في الغالب تكون ظنيّة تتعلق بشكوك حول ارتكاب الأنثى (المرأة أو البنت أو الأخت) فعلًا “مخلًا بالأخلاق”، مثل الزنا أو إقامة علاقة “غير شرعية”. حيث يزعم مرتكبو مثل هذه الجرائم، أن جريمتهم حصلت من أجل “الحفاظ على شرف العائلة”، أو ما يوصف بعملية “غسل العار”.
بداية، لنوضح مسألة أساسية، وهي مفادها أن كل العنف الممارس على النساء، سواء من عنف نفسي ولفظي وجسدي، يصل إلى حدّ القتل في أحيان كثيرة، هو مبني بالأساس على عقليات ذكورية ترى بأن لها السلطة والسيطرة الكاملة على النساء، سواء فيما يتعلق باختياراتهن الحياتية وكذلك الجسدية، وبالأساس المتعلقة بالجسد والخيارات العاطفية، حيث تُبرر هذه الجريمة بالادعاء أن المرأة “مسّت شرف العائلة” إلى أنها – أو الشكوك بأنها – ارتبطت عاطفيًا برجل من دين آخر أو طائفة أو قومية أخرى، أو مثلًا لأنها مارست الجنس مع رجل خارج إطار الزواج، أو لأنها ببساطة، أحبت رجلًا لا يلائم “معايير اختيار العائلة لشريكها”، مهما كانت هذه المعايير. وبالتالي، إن هذه العقليات الذكورية الأبوية السلطوية، ترى بأن “شرفها” مربوط تمامًا بقلوب النساء أو بأجسادهن أو مهابلهن!
هذه العقليات، ترى بأن بالتعنيف وبالقتل، هو “تنظيف للعار” التي “ألحقته هؤلاء النسوة للعائلات”. وهذه العائلات، وأفرادها الذكور تحديدًا، وفي كثير من الأحيان بتغطية نساء العائلة على هذه الجرائم أو النية بأن تُمارس هذه الجرائم، تفضّل أن ترى ابنتها أو أختها أو المرأة في عائلتها مقتولة وميتة، على أن تراها حيّة، تُمارس ما تختاره هي وحدها وجسدها في حياتها. من أين تأتي كلّ هذه البشاعة؟
ا تنحصر جرائم القتل على دين واحد، أو قومية واحدة في العالم، بل غالبًا، تأتي جرائم القتل من موروث مجتمعي وتقاليد، تختلط فيها العوامل المسببة، والتي تعود بمجملها إلى منظومة غير عادلة تجاه النساء، مبنية على سلطة الذكر فيها، وعلى ضرورة أن يفرض الذكر سيطرته على المستضعفات والمستضعفين، وفي سياقنا هذا، أن يفرض الذكر سلطته على ابنته وأخته وزوجته في العائلة. وعلى الرغم من نسبتها الكبيرة في الدول العربية، فان هذه الجرائم تلاحق أيضًا نساء عربيات وتركيات وإيرانيات، في أحيان كثيرة بصرف النظر عن انتمائهن الديني، إلى خارج العالم العربي، بما في ذلك أوروبا، ومنهن من وُلدن في بلد أوروبي
في مقال نُشر على موقع DW الإنجليزية، بعنوان: “جرائم الشرف في ألمانيا: عندما تتحوّل الأسرإلى جلادين”، ذًكر بأن أحدث دراسة لمعهد ماكس بلانك حول عدد جرائم الشرف التي ارتكبت كانت في أساس ملفات التجارب والتقارير الإعلامية، وكان هنالك 78 جريمة قتل تم التحقيق فيها، وبعضها كان من الصعب تمييز خلفية القتل، سواء على خلفية شراكة أو خلافات دموية. وكانت قد أظهرت النتيحة أن 43% من الضحايا كانوا من الرجال. كما أظهرت الدراسة أن الغالبية العظمى من الجناة (92%) لم يولدوا في ألمانيا. بالإضافة إلى أن جرائم الشرف ترتبط بشكل أساسي بتقاليد معينة في مناطق المنشأ، وليس إلى دين معيّن”.