مقالات

انتهت الزيارة .. و الجدل لا ينتهي

#الشبكة_مباشر_بغداد_د. كاظم المقدادي

البداية لم تكن موفقة وسارت على مضض مع السوداني ،، وكان بايدن يقرأ سطوره و ملاحظاته على ورقة لكي لا يخلط بين العراق و افغانستان ،

او بين العراق والسودان ،، ويخاطب السوداني ، وكأنه الرئيس البرهان .

السوداني محمد شياع ،، ارتجل واختزل كلمته بشكل واضح ومريح ،، كأي تلميذ هيأ نفسه للأمتحان في جامعة البيت الابيض ، ومثل هذا الامتحان بات مفروضا على قادة دول العالم الثالث ،، ممن يتلهفون الدخول والحصول على تزكية من دهاقنة الادارة الامريكية ،، وكأن البيت البيضاوي اصبح جامعة هارفارد لا تقبل الطلبة الكسالى الذين لايفقهون قاموس وخفايا وألغاز السياسة الامريكية .

الثابت ان العراق بحاجة ماسة إلى الولايات الامريكية وفق اتفاقية الاطار الاستراتيجية و هذا واضح ،، لكن هذه الاتفاقية حولتها امريكا إلى اتفاقية امنية عسكرية ، وتغافلت عن بنودها الاقتصادية والمصالح الوطنية .

ويبدو ان السوداني كان مصرا على تذكير بايدن على بند التعاون في مجالات الطاقة والتعليم والمشورة المالية و الاقتصادية .

بالمقاييس العامة ،، استطاع السوداني ان يحرك الاتفاقية نحو صراط بغداد المستقيم ،، بعد ان كانت قبلتها واشنطن ، و صراطها العقيم .

اغلب الظن .. ان السوداني ، اوضح لبايدن ضرورة اتخاذ سياسة عراقية متوازنة ،، لا تغضب امريكا ولا تضر بأيران ، وان الادارة الامريكية فهمت هذه المرة ان العراق لا يمكن ان يظل الخادم المطيع ،، والسياسة الامريكية في المنطقة ، منحازة نحو اسرائيل بشكل سافر وفضيع .

قد يكون السوداني يتمتع بعقلية ادارية داخلية ، لكنه لم يصل بعد عند حدود رسم الاستراتيجيات في العلاقات الدولية .

والعقبة الأخطر ،، ان السيد رئيس الوزراء لا يمتلك بعد ادواته المهمة والفاعلة لتحقيق برامجه وطموحاته ،، بسب نقص فاضح في الأسس والبنيان ، ووجود كم هائل من المستشارين بلا نفع ولا تجربة ولا خبرة ولا كيان ، ومازالت بعض الاحزاب المتسلطة ،، تفرض عليه وجوها وأسماء وعناوين ما انزل الله بها من سلطان .

ختم الكلام.. ذهب السوداني إلى واشنطن وهو يتمتع بشعبية وقبول معقول من الشرائح المجتمعية ، بعد الشروع بأعمال عمرانية ومبادرات اقتصادية متفاوتة . تجعله مفاوضا مختلفا وناجحا في تغيير بوصلة العلاقات العراقية الامريكية بشكل يخدم المصالح المتبادلة ،وليكون محورا مهما في السياسات الاقليمية والدولية .

انتهت الزيارة لكن الجدل في التعامل السياسي والاقتصادي مع الادارة الأمريكية ،، بشقيها الديمقراطي والجمهوري ، سوف لن ينتهي أبدا ،، لان قرارات السوداني ستظل مكبلة بالتوافق الداخلي وسطوة احزاب السلطة المرتبطة بأجندات غير وطنية .. بمعنى ان سياسة الدولة الوطنية ، مبعثرة وفق اجندات متناقضة ومتباعدة..
& د كاظم المقدادي

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى